وجهتك الأفضل لمعرفة جديد الولاية

اضغط هنا للانضمام إلينا عبر الواتساب 

 

تفاصيل خاصة عن اليوم الأخير لولد العزيز في القصر

نقابة الصحفيين الموريتانيين تنظم مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني

 

تغييرات متوقعة بحزب الإنصاف الحاكم

إقالة مسؤولين سامين بسبب تهم تتعلق بالفساد

 

قافلة طبية لجراحة العيون تصل مدينة ألاك بعد أيام

جهة لبراكنة تقدم كميات معتبرة من الزي المدرسي لإدارة التعليم

 

تخفيض الرتبة الوظيفية للجنيرال ولد امعييف

 

 

والي لبراكنة يعزي باسم رئيس الجمهورية أسرة أهل الشيخ القاضي

قصة العلامة عددود رحمه الله مع الراعي وحليب النوق 

ألاك: افتتاح بطولة رياضية منظمة من طرف المندوب الجهوي لوزارة الثقافة

 

ردود ولد أوداع في المحكمة: تماسك في الأجوبة واستحضار للتفاصيل

 

كيف أصبح ولد اسويدات: نقطة تلاق بين المرجعيات والشرائح والفئات (المسار السياسي)

موريتانيا لا تقاد برأسين ولا تتحدث بلسانين

مال: انضمام جماعة سياسة وازنة لكتلة الوحدة

رئيس منسقية أهل الدشرة في مقابلة خاصة مع موقع لبراكنة إنفو

تظاهرة بمدينة ألاك لتوقيع "إعلان جول"

لمتابعة موقع أغشوركيت تفضل بالضغط هنــــا

لمتابعة مدونة ألاك كوم تفضل بالضغط هنــــــا

من أرشيف لجنة إصلاح الحزب

https://www.facebook.com/bellaa199

من هي الشخصية اﻷوفر حظا في دخول الحكومة الجديدة؟

أحد أطر مقاطعة ألاك يكتب عن ذكرياته مع الرئيس الراحل

نوفمبر 25, 2020 - 4:56م

عندما علمت بوفاة المرحوم سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ) ، فارتحت كثيرا ، لأن الرجل كان من قامات الأخلاق السامية ، و الطباع الهادئة ، و القيم الراقية...

 

سأتحدث في هذه السطور عن رجل رأيته ، و جالسته ، و سمعت منه ، و استمع إلي ، حاورني و حاورته ، مازحني و مازحته ، عن رجل عرفته و ليس عن رجل سمعت عنه...

 

بحكم العلاقات المتداخلة ، التي يشد بعضها بعضا ، سمح لي الزمن و إنه لضنين أن أقترب من هذا الرجل في بعد ، و أن أبتعد عنه في قرب ، نعم ، نعم ، الرجل خالي بلغة الأخلاق ، و هو بلغة الفقه و الحساب ابن خال أمي ، نسكن في حيين منفصلين في اتصال ، و في زمنين متصلين في انفصال... عرفته مبكرا عندما كان يأتي للسلام و صلة الأرحام في أغشوركيت ...

 

لا تسأل عن محياه فهو

 

طلق ، و لا عن وجهه فهو صبوح ، و لا عن ابتسامته فهي حانية ، يحب الفقراء ، و الضعفاء ، رقيق الطبع ، شديد التواضع...و كيف لا يكون ذلك كله كذلك و قد تربى في حضن أبوين (ترجع التاديت) لكل منهما في حسن الأخلاق و حلاوة الطباع : والده الشيخ عبد الله و والدته امين بنت محمدا..

 

سأذكر نقاطا قليلة و متفرقة لا تخضع لمنهج سردي واحد ، عشتها شخصيا مع المرحوم سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله :

 

في بداية الثمانينات رحلنا إلى نواكشوط (أمي و أنا و أخواتي ) لمواصلة دراسة البنات ، و مثل فقراء البلد استقررنا في مدينه R ، و هي للذين لم يدركوا تلك الفترة و لم يعرفوا تلك الحياة ، حي شعبي مزدحم ، قبيح ، يعشعش فيه البؤس و الفقر ، تحاصره سيول أوساخ الغسالين ، يعج بخلايا التكوين العقدي للتنظيمات السرية ، و أغاني فهد بلان و صور سميرة توفيق و وردة الجزائرية ملصقات على أبواب دكاكين الطرب ، لا تخلو مراحيضه اليتيمة من لوائح انتظار ، استأجرنا بيتين منفصلين في مساحة واحدة يفصل بينهما عريش بائعة طعام يعيش فيه قطيع من البط البري و فراخه لا يتوقف سلحه ، و كباش تتصارع ، و أعنز تئن باستمرار ، و فوق سقف العريش أهرام من الأواني الصدئة لا يهدأ صخبها كلما ودعت راحلة ، أو استقبلت وافدة...حتى أنا كنت أرفض اصطحاب زملائي في الدراسة لأني أكره أن يروا فاقتنا ، و تردي الوسط الذي نعيش فيه...

 

كان المرحوم سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لا ينقطع عن زيارتنا واصلا و ملاطفا ، ولم يفوت أبدا عبارته كلما اكتملت كؤوس الشاي : (هذا فتبارك الله أتاي زين وهذا السكن املي امونك آن ذلي نجبر من الراحه و التمانوكت هون فاصل فيه) ،

 

حدثتني الوالدة أنه أصر مرة رغم مشاغله على أن يُريَها اللبن الضخم الذي كانت الصين تضربه لبناء الميناء ، في رحلة سياحية لم تبد أي رغبة فيها ، و أي بدوية تعير اهتماما لهذه الأشياء ، لكن كرم الرجل و لطفه و حبه إفراح الغير لا ينتظر الظروف ، و لا يشترط الرغبة

...

* زرته مرة في منزله ، وسألني عن أحوال انواكشوط ، فقلت له ممازحا (نحن مان في نواكشوط) فاستغرب و قال (انتوم امنين)، قلت له (نحن في مدين R) ...

 

فضحك في بساطة طبع ، وطيب طوية...

 

* سنة 1988 تعرض خالي و صديقه الحاج أحمد ولد الندى لحادث سير خطير ، و جاء سيدي للسلام عليه و لما رآه أراد أن يعجل بعض الإجراءات و فاجأني خروجه و سيره في أروقة المستشفى حافي القدمين فاضطررت أن أبحث عنه كي يلبس نعليه ، ثم طلب مني أن أرافقه لاستصدار وثيقة ضمانة ، و لما ركبنا في سيارة 504 صغيرة - و كنا وحدنا - سألني عمن يستطيع استصادرها فقلت له أما أنا فنكرة لا أهتدي في مكاتب الدولة ولا أصلح إلا لهذا الركوب ، فذهبنا إلى وزارة الصيد و قال لي سنبقى في السيارة حتى يخرج من أستطيع أن أطلب منه إخبار صديقي المصطفى ولد لحبيب بوجودي هنا ، لم يطل انتظارنا و حضر الرجل و تكفل بالمطلوب..

 

* في بداية الحياة السياسة التقينا في لمدن وقال لنا أرجو أن تكونوا جميعا استجبتم لقناعاتكم السياسية بعيدا عن الضغط القبلي ، فقال له المرحوم محفوظ ولد الندى هذا ما حصل : (هذا محمد عبد الله ولد حيبلت في المعارضة و هذا الشيخ سيد المختار ولد الشيخ عبد الله في الحزب الجمهوري و هذا المرتضى في التحالف ، و أنا من حزب ول سيدي بابه لأن فيه الحاج احمد ولد الندى وان الحاج احمد نختيرو عن إجيجبه كامله..ههه)

 

* بعد الانقلاب عليه زرته في لمدن ، و قلت للعاملة المنزلية أخبري سيدي أن فلانا جاء للسلام عليه ، فخرج إلي مسرعا و صافحني في انحناء ثم عانقني ، هل رأيتم كبيرا ينحني لصغير !! نعم إذا كان الكبير كبيرا انحنى عطفا و حدبا ، انحناءة الكبير ارتفاع ، و شموخ و تحليق في فضاء السكينة و الوقار...

كان من حظي في ذلك اليوم أني وجدت الرجل وحيدا ، لأن جميع أهل القرية مشغولون في تجمع خاص ،

 

و قال لي فلان (انت اياك مانك عجلان اندوروك اتكيل امعان؟) ،قلت له لست عجلان لكنني (ماني امكيل امعاكم) ،، و بدأنا حديثا و حوارا هذا نصه :

 

* قال لي ما هي و ضعية التعليم الآن ؟ قلت له هو في أسوإ حال ، برامج لا تواكب الحياة ، و لا تخدم الخصوصية الحضارية و التاريخية للبلد و مستويات مادية متردية لأهل القطاع..و بنى تحتية لا تصلح لسجن الكلاب..

 

* قال لي : في بداية الثمانينات اكتشفت مؤشرا خطيرا لما تحدثت عنه الآن، أنا مقتنع أن كل تنمية و كل نهضة و كل رخاء مرتبط بالتعليم ، لكن حادثة وقعت أمامي في تلك الفترة أقلقتني كثيرا على مستقبل التعليم ، فكنت كمن كان يراهن على كنز يخفيه لوقت الحاجة و عندما تفقده وجده تالفا ،

 

وروى لي قصة خاصة بين معلم طلب من تلميذ أن يحمله معه في السيارة التي يقودها أبوه فقال التلميذ للمعلم (اركب اللوره الكدام ليه يركب فيه صاحبي) ، و أردف سيدي قائلا (شفت هذا يخوي هذا ينكال للمعلمين ؟) ، قلت له المخطئ هو المعلم كيف يسقط و تهون عليه نفسه فيتوسل إلى تلميذ ليحمله في سيارة أهله ، نحن متفقان في نذير الفساد ، لكن لا ينبغي للمعلم أبدا و مهما كانت الظروف أن يكون ضعيفا أمام التلميذ ، يجب أن يبقى المعلم هو القدوة ، و هو الأقوى ، و هو الأغنى ، و أن يقنع التلاميذ أنهم هم الفقراء إليه...أصغى المرحوم إلي جيدا في انتباه و قال صدقت ، إذن نحن الاثنان صادقان...

 

* سألني عن ثانوية ألاك ، قلت أنا الآن في مؤسسة أغشوركيت و قادم إليها من ثانوية بوتلميت ..فقال لي متى تحولت إلى بوتلميت و لماذا ...قلت له مستغربا : لستم على علم بضجة تحويلات مسؤولي التعليم عن مدنهم الأصلية ؟ فأجابني في اندهاش لا ، لم أسمع بهذا قبل الآن ...و أضاف أنه لا يتدخل في أمور الوزراء..

 

* و أضاف أن قرار تحويل المسؤول عن مدينته كان يخص الإداريين من حكام و ولاة و أنه اتخذ في عهد المرحوم المختار ولد داداه خوفا من النزاعات القبلية على الأرض و تدخل المسؤولين لصالح قبائلهم...

 

قلت له ممازحا إن بعض زملائنا قال في أروقة وزارة التهذيب إن الرئيس سيد ولد الشيخ عبد الله أعطى أوامر لنبغوها منت حابه بتحويل المرتضى و محمد ولد حامد و محمد يعقوب ولد الغلاوي إلى بتلميت ، و أن كل مسؤولي التعليم من (إجيجبه) حولوا إلى مناطق مرضية على حساب الآخرين...ضحك رحمه الله وقال لي (هذا انكال ابصيفتوذي ؟ ألا يالل نحن كاملين نسمحو الذو الي كالوه...)...

 

* و أردف : أنا أمرت المعنيين أن يشرعوا في إصلاح التعليم و حل مشكلة اللغة بسرعة، و رد علي بعضهم أن ذلك ستنجر عنه مشاكل و اضطرابات ، فقلت لهم إني أتحمل المسؤولية عن ذلك ، ثم سبق ما كان ، ما كنا ننوي أن يكون...

 

* سألني هل صحيح أن الولاة يتدخلون في تحويل المدرسين حسب العلاقات ،،

 

* أجبته أن الولاة يفعلون ما يشاؤون ، ولكنهم ليسوا وحدهم لأن الأوامر تصدر إليهم من جهات عليا...

 

و جاء دوري في الأسئلة ، ففرحت و حزنت ، حزنت لأن المرحوم سيدي مجبول على حسن الإصغاء ، مهما كان عقل محدثه و مستوى كلامه ، وتدني أفكاره ، يريك رغبة في الاستماع إليك تتوهم بها أنك تفيده في الأمر الذي هو به منك أدرى ..

و فرحت لإتاحة الفرصة لي كي أسأل و أستفيد...

 

* قلت له إني قرأت في صحيفة ورقية قديمة أنه لم يستجب بسرعة لدخول حكومة معاوية ولد سيد أحمد الطايع و تأخر في الرد على مدير الديوان ، فهل هذا صحيح ....

 

* فقال : إن الديوان اتصل به و عرض عليه رغبة معاوية في إسناده حقيبة وزارية ، لكنه طلب فترة ليفكر في الأمر ، ثم اتصل به معاوية نفسه و قال له أنت إلذاك كدامك برو عبد الله أران عيناه)... وعلق سيدي بأن معاوية (كاريه ) بتعيين عبد الله بارو لأنه صديقه و من العهد القديم...

 

ثم أردف :

 

* سأحكي لك طرفة يا فلان : عندما دخلت الحكومة كنت غريبا فيها نظرا لعامل السن ، كنت لا أعرف من الوزراء إلا - أظن أنه قال لي - بابالي...و انتبهت إلى أمر خطير ، و هو أن بعض المسؤولين ينتهزون فرص الأعياد الرسمية للدول الأجنبية ، و عندما تكلفهم الدولة بحضور تلك الاحتفالات في السفارات يستغلونها لمآرب خاصة ، و طلبت من الرئيس معاوية الانتباه إلى ذلك محافظة على سمعة البلد ، ففاجأني معاوية في أول اجتماع للحكومة بعد لقائنا بأمر مضحك و محرج ، قال للحكومة (هييه اصنتولي لا تل حد فر إكيس الاحتفالات في السفارات ، لا اتل يمش ماهو سيدي هذا و الل بارو......الخ.)

 

* ثم سألته عن الانقلاب عليه ،

 

* فقال لي ماذا تريد من التفاصيل ؟

 

* فقلت له تفاصيل اليوم الأول ، كيف علمتم؟ ماذا فعلتم؟..

 

* فأجابني : جاءني ضابط (لا أذكر هل قال لي قبل الفطور أو بعده) و قال لي : السيد الرئيس عزيز يريدك

 

* قلت له : قل لمحمد ولد عبد العزيز إنه هو الذي عليه أن يحضر إلي إذا كانت له حاجة...

 

* فطأطأ رأسه بأدب وقال : السيد الرئيس ، عزيز أمرني أن أحضرك قالها محرجا مستاء ، هنا تأثر بعض أفراد الأسرة و توسلوا إلي أن أرافق الضابط ففعلت...

 

استقبلني محمد ولد عبد العزيز في الساحة و قال لي : السيد الرئيس وقعوا قرار إلغاء تلك المراسيم التي أصدرتم و ينتهي كل شيء..

 

قلت له إني أرفض التراجع عن صلاحياتي...

 

فقال : السيد الرئيس أخاف أن تتسبب تلك القرارات في نزيف دماء..

 

قلت له : كل قطرة دم تسيل هي مسؤوليتك أنت...

 

فانصرف و أمر الضابط باصطحابي إلى بناية مكاتب حراسة الرؤساء (بازب)...و جلست على مقعد و رأيت كتابا عربيا في النقد الأدبي فتناولته و بدأت في تصفحه ، ثم ذهبوا بي إلى مكان آخر و بسطوا لي فراشا ، (مطله ) نمت عليها حتى المساء ، و كنت محتاجا إلى الراحة ، ثم حولوني إلى مقر إقامة محترم ، و عاملوني جميعا باحترام و تقدير حتى خرجت...

 

رحم الله والدنا و خالنا سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رحمة واسعة...

المرتضى ولد محمد أشفق