شكل البيان المفاجئ لأسرة أهل الشيخ عبد الله فجر الثامن من ديسمبر الجاري وإعلانهم توحيد جبهتهم الداخلية والوقوف على نفس المسافة من جميع الأحلاف والجماعات السياسية، هزة في الساحة السياسية بمقاطعة ألاك وخلطا لأوراق مجمل من راهنوا على المكانة الممنوحة لتعويض الخسارة المدوية محليا في صناديق الاقتراع خلال الانتخابات الأخيرة (اكشيح تيجوه افلكريس).
وبإعلان الأسرة الموقع باسم واجهتها السياسية المعتمدة منذ عقود الشيخ سيدي المختار ولد الشيخ عبد الله والمدعوم فيه من طرف مختلف الأطر والفاعلين في الأسرة تكون الساحة السياسية بالمقاطعة قد أقرت عمليا الواقع الذي أفرزته صناديق الاقتراع التي منحت الصدارة لجماعة يدا بيد وشركائها، وهو واقع أقره رئيس حزب الإنصاف ماء العينين ولد أييه الذي صرح في مهرجان سياسي بدار الشباب القديمة بألاك بعد يومين من البيان معتبرا أن ما جرى ببلدية ألاك كان مبررا وأن الحزب قد قرر التعاطي بإيجابية مع الواقع الجديد.
وسيفتح الإعلان وغيره من التطورات الحاصلة في المشهد بشكل عام، والتعاطي الإيجابي الملحوظ للنظام مع زعيم يدا بيد الوزير السابق محمد ولد اسويدات الباب أمام تحولات قد تبدوا مثيرة للمتابعين في الفترة الممهدة للانتخابات الرئاسية المقررة خلال نصف عام.
ينظر في الساحة السياسية إلى الشيخ سيدي المختار ولد الشيخ عبد الله كواحد من أبرز وأهم اللاعبين في المشهد السياسي منذ أزيد من عقدين، مدفوعا بإرث سياسي واجتماعي وروحي هام، وقد تعرض هو وإرثه لمحاولات تحييد ممنهجة ترعاها أعلى سلطة في البلد خلال عشرية ولد عبد العزيز، لكن شمسه لم تغب في آخر المطاف وحظيت جماعته السياسية بتمثيل في البرلمان وحضور في بعض المجالس المحلية عام 2018
في نفس العام وبالتزامن مع إعلان خيارات الحزب حدث شرخ غير متوقع في العلاقة بين الوزير السابق محمد ولد اسويدات والرئيس الحالي للبرلمان محمد ولد مكت بعد تجاوز الأخير للأول عند الحسم في الترشيحات وساءت العلاقة بين الاثنين لتصل مرحلة القطيعة نهاية 2020 حين كان ولد مكت على رأس أركان الجيش بينما كان الثاني أمينا عاما لوزارة الثقافة.
لاحقا أحيل ولد مكت إلى كتيبة الاحتياط في الجيش نهاية 2021 وفي الحادي والثلاثين من مارس 2022 عين محمد ولد اسويدات وزيرا للتنمية الحيوانية، لتبدأ محاولات جديدة لإحياء العلاقة قبل أن يعلن الوزير عن مهرجان سياسي منتصف أغشت 2022 افتتح به الموسم السياسي ليس في المقاطعة فحسب، بل في الوطن عموما.
كان من بين العوامل والمعطيات التي دفعت الوزير لاتخاذ قرار بتنظيم المهرجان هي تنشيط الساحة السياسية لحزب الإنصاف وإعادة ترتيب المشهد محليا بشكل دقيق يفضي إلى إحداث التمايزات المتوقعة مع إعطاء فسحة من الوقت تكون كافية لعملية إعادة الترتيب المطلوبة قبل فوات الأوان.
قرر ولد الشيخ عبد الله البقاء ضمن الكشكول المشكل لما كان يطلق عليه حلف البشائر المتنازع على قيادته وكان الاعتقاد السائد عند كثيرين هو أن الحلف لم يطرأ عليه غير انسحاب شخص واحد في إشارة إلى الوزير محمد ولد اسويدات بدعوى أن أي منتخب عمدة كان أم نائبا لم يغادر الحلف، وحرص قادته في كل مناسبة على إبراز العمد والنواب بأوشحتهم الرسمية وهي ورقة قوة تم سحبها باستحقاق وجدارة عبر صناديق الاقتراع لصالح الوزير محمد ولد اسويدات.
غير أن الخطوة التي أقدم عليها ولد الشيخ عبد الله بإعلانه الوقوف على نفس المسافة من جميع التحالفات المحلية والتشديد على الدعم غير المشروط لرئيس الجمهورية وحجم الظهور اللافت له في الزيارة الأخيرة فضلا عن توقيت الخطوة، كلها مؤشرات قوية على تحضير متأن للمرحلة القادمة يأخذ في الحسبان ما طرأ من متغيرات وما استجد من أحداث تمهيدا للإعلان عن الخطوة التالية...
إدارة تحرير لبراكنه إنفو