محمد ولد ميلود، من أكبر الزهاد و مجاهدي النفس في عصره، أما الدان فهو غني عن التعريف، أمير إدوعيش، صاحب السطوة، كريم النفس، حامل قيم العروبة و الشهامة........
يحكى في المأثور الشعبي، أن عراكا حصل عند بئر (حاسي) بين موالي لمجموعة ولد ميلود القبلية و موالي للدان، وترتبط المجموعتان بوشائج القربى و الجيرة و العشرة
قررت مجموعة ولد ميلود إيفاد بعثة ( صربة ) للدان، لشرح الواقعة و الأخذ بخاطره، حيث أن مواليه قد تم التنكيل بهم.
و عند تشكيل البعثة، تم التغاضي عن إسم ولد ميلود على الرغم من مكانته الاجتماعية و كذا سنه، فأجابوه نخاف يا محمد أن تصدر منك عبارات تنسف مهمتنا من أساسها، و قد كان معروفا عنه رحمه الله أنه لا يخاف في الله لومة لائم و لا يجامل، فأجابهم لن أتكلم و سأترك لكم الخطاب.
أمر الدان رحمه الله ببناء مخيم لاستقبال ضيوفه، و قام كالعادة بإكرام وفادتهم، و من ثم جمع أعيان إدوعيش و أتجه بهم نحو مخيم الضيوف، و هكذا بدأ الاجتماع. تعاقب المتحدثون باسم جماعة ولد ميلود على الكلام، فأخذ كل متحدث يطنب في الحديث عن الأواصر و العلاقات الاجتماعية والتاريخية التي تربط المجموعتين و كذلك ذكر مناقب الدان و هي بالمناسبة كثيرة، ومن ثم يخلصون إلى أن الأمر لا يعدو كونه شجار بسيط بين إخوة، ضاق ولد ميلود ذرعا من تكرار الخطباء لنفس الخطاب مع كثرة قي عددهم، فقال ورطتونا و هنتونا هو الدان بطت مواليه إلعاد أمخليها لله إسال فيه أللي أكثر منها و إلعاد أمخليها للشيطان يعرف فيه أللي أكثر منها، ضحك الدان حتى بانت نواجذه، فقد كان رحمه الله يعز ولد ميلود و يجله ، ثم إلتفت إليهم و قال زبدة القول ما قال ولد ميلود.
تذكرت هذه القصة، و أنا أتابع السجال الدائر بين رفاقي في الموالاة وزملائي في المعارضة حول الحوار، و تدافعهم للمسؤولية لإثبات من يقع على عاتقه إفشال الحوار. فحال لسان الرأي العام اليوم، ينطبق عليه تماما قول ولد ميلود، إذا كان هدفكم هو الوطن و المواطن فبالتأكيد له عليكم حق أكبر فتلك مهمتكم و مسؤوليتكم أفلا تذكرون؟، و إذا كان هدفكم هو السجال فهو دأبكم و ديدنكم منذ زمن بعيد أفلا تملون؟ تقدموا أو تراجعوا فلا منزلة بين المنزلتين، أما تقديم رجل و تأخير أخرى فلا يخدمكم و لا يخدم الوطن، كما أن وضعية الجمود السياسي أصبحت تلقي بكاهلها على المناخ السياسي و تؤثر سلبا على التنمية المحلية و على الجهود التي تبذلها الدولة و على نفسية المواطن.
فإما حوار أو لا حوار.